أخبار الرياضة وكرة القدم
أزمة "المسؤولية الطبية".. لماذا يعترض الأطباء على قانون "مشرط الجراح"؟
كتب- أحمد جمعة:
أثار مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي وافق عليه مجلس الوزراء نهاية الشهر الماضي ويناقشه مجلس الشيوخ حالياً، جدلًا واسعًا خلال الأيام الماضية، وانتقادات حادة من نقابة الأطباء لعدد من النصوص الواردة به وخاصة باب "العقوبات"، الأمر الذي دفعها للدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة يوم 3 يناير المقبل، في الوقت الذي وصفه وزير الصحة بأنه يتعامل بـ"مشرط جراح".
من المنتظر أن تعلن نقابة الأطباء خلال جمعيتها العمومية الطارئة عن رفض مشروع قانون المسؤولية الطبية، مع بحث التحركات والإجراءات اللازمة للتصدي للمشروع الذي يتضمن موادًا تُقنن حبس الأطباء في القضايا المهنية، بحسب النقابة.
ويناقش مجلس الشيوخ، في جلسته العامة اليوم الأحد، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الصحة والشئون المالية والاقتصادية، عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تنظيم المسئولية الطبية ورعاية المريض.
واعتبر الدكتور حسين خضير، رئيس لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، أن فلسفة مشروع قانون بإصدار قانون المسئولية الطبية وحماية المريض، تعمل على تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وواجبات الأطقم الطبية، ومسئولية القائمين على إدارة المنشآت الطبية.
وأضاف في كلمته بالجلسة العامة، أن مشروع قانون المسئولية الطبية، يعالج القضايا المتعلقة بالأخطاء الطبية بطريقة عادلة ومنصفة، ويراعي التطورات العلمية والتكنولوجية في المجال الصحي، إذ ينطلق من المبادئ الأساسية المتمثلة في حماية حقوق المرضى من خلال ضمان حصولهم على خدمات طبية عالية الجودة ومعاقبة الإهمال أو التقصير الذي قد يؤدي إلى الإضرار بصحتهم أو سلامتهم.
ماذا يتضمن قانون المسؤولية الطبية؟
يتضمن مشروع قانون المسئولية الطبية ورعاية المريض، 4 مواد إصدار، بالإضافة إلى 30 مادة أساسية.
وبحسب مجلس الوزراء، فإن مشروع القانون يستهدف تحقيق عدة اعتبارات، منها التأكيد على الحقوق الأساسية لمتلقي الخدمة الطبية أيا كان نوعها، والارتقاء بتنظيم هذه الحقوق، مع توحيد الإطار الحاكم للمسئولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية في صعيد واحد.
لكن ما أثار انتقادات نقابة الأطباء، هي نصوص العقوبات الواردة في مشروع القانون، والذين اعتبروها غير ملائمة لطبيعة العمل الطبي.
وعاقب مشروع القانون في المادة (27)، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب من مقدمي الخدمة بخطأ طبي في وفاة متلقي الخدمة.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم أو كان مقدم الخدمة متعاطيا مسكراً أو مخدراً عند ارتكابه الخطأ الطبي أو نكل وقت الواقعة عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن الخطأ الطبي وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين.
كما نصت المادة (28) على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب من مقدمي الخدمة بخطأ طبي في جرح متلقي الخدمة أو إيذائه.
وطبقا للمادة (29) تصدر أوامر الحبس الاحتياطي ومده في الجرائم التي تقع من مقدم الخدمة أثناء تقديم الخدمة الطبية أو بسببها من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل أو من في درجته.
ويستهدف مشروع القانون إنشاء لجنة عليا تتبع رئيس مجلس الوزراء تسمى "اللجنة العليا للمسئولية الطبية وحماية المريض"، تتولى إدارة المنظومة في الدولة من خلال آليات محددة قد يتم التوسع فيها مستقبلا بعد تقييم التجربة وقياس نتائجها.
ويتيح مشروع القانون كفالة نظام للتأمين الإلزامي للمنشآت الطبية ومقدمي الخدمة من مزاولي المهن الطبية من خلال إنشاء صندوق تأمين حكومي يتولى المساهمة في التعويضات المستحقة عن الأخطاء الطبية، وكذلك إتاحة إمكانية قيام الصندوق بالمساهمة في تغطية الأضرار الأخرى التي قد تنشأ أثناء وبسبب تقديم الخدمة الطبية ولا صلة لها بالأخطاء الطبية.
لماذا تعترض نقابة الأطباء؟
تقول نقابة الأطباء إن مشروع القانون تضمّن موادًا تقنن مسألة الحبس في قضايا الخطأ الطبي، وفي غير قضايا الإهمال الطبي الجسيم، مؤكدة رفضها الحبس في حالات الخطأ الطبي واستبداله بالتعويض مثل كل دول العالم عامة ودول الخليج خاصة التي يعمل بها نصف أطباء مصر.
وعلى خطى الأطباء، أكد مجلس اتحاد نقابات المهن الطبية، الذي يضم نقابات الأطباء البشريين، أطباء الأسنان، الأطباء البيطريين، والصيادلة، رفضه لما تضمنه مشروع قانون المسؤولية الطبية من مواد تقنن مسألة الحبس في قضايا الخطأ الطبي، وفي غير قضايا الإهمال الطبي الجسيم.
وقال الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، في تصريحات لمصراوي، إن مشروع القانون بصيغته الحالية لا يتناسب مع طبيعة العمل في المجال الطبي، وسيكون له الكثير من التداعيات السلبية أبرزها لجوء الأطباء إلى "الطب الدفاعي"، فضلًا عن مزيد من هجرة شباب الأطباء للخارج.
ويُعرف الطب الدفاعي بأنه طلب مزيد من الاختبارات والفحوصات، وتجنب المرضى الإجراءات عالية الخطورة التي تكون لازمة في كثير من الأحيان.
وبشأن تواصل النقابة مع المؤسسات الرسمية لتوضيح رؤيتها، أضاف الزيات: "هما عارفين كل حاجة وتواصلنا مع كافة الجهات والمؤسسات والبعض منهم تفهم وجهة نظر النقابة لكن على الرغم من ذلك جرى إقرار القانون في لجنة الصحة بمجلس الشيوخ".
وشدد "الزيات" على أن الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة، وعد بالنظر في المواد الخاصة بالعقوبات، لكنه ذلك "ظل كلاما ولم يُحول إلى إجراءات على أرض الواقع".
وخلال حضوره جلسات المناقشة بمجلس الشيوخ، قال "عبدالغفار" إن وزارة الصحة منفتحة على أي تغييرات قد يراها المُشرع، فيما يتعلق بفصل العقوبات في القانون وفقاً للأطر والقواعد القانونية.
واعتبر وزير الصحة أن قانون المسؤولية الطبية يتعامل بـ"مشرط الجراح"، لضمان حقوق الفريق الصحي، وتوفير بيئة عمل جاذبة وآمنة تساعدهم على تقديم أفضل أوجه الرعاية الصحية، مع ضمان حق المريض وحمايته من أي تقصير.
وعاد عضو مجلس نقابة الأطباء للقول إن "لجنة الصحة بمجلس الشيوخ وافقت على مشروع القانون دون تغيير أي حرف بالمسودة التي تمت مناقشتها".
وعن الخطوات التي ستتخذها النقابة، أوضح الزيات: "تواصلنا مع كل الناس ومعدش حد غير نتواصل مع الأمم المتحدة لتوضيح موقفنا. هذا القانون الجائر مش موجود في الدنيا كلها.. هل نخترع قانونا جديدًا".
وتوقّع "الزيات" إقبالا كبيرا من الأطباء على الجمعية العمومية يوم 3 يناير المقبل؛ لأن الأمر يمس الحياة المهنية لكل طبيب وعضو فريق طبي سواءً التمريض أو أطباء الأسنان أو الصيادلة، مختممًا حديثه بضرورة إعادة النظر في مشروع القانون لأن "هذا ليست الوقت المناسب لمثل هذه الأزمة".
واتفق مع ذلك محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، الذي قال إن قانون المسؤولية الطبية يحتاج إلى إعادة تقييم شاملة لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية، سواء كانت حقوق المرضى أو الأطباء.
وأوضح فؤاد أن "الغرض من القانون يجب أن يكون حماية المرضى وضمان حقوقهم، وليس التقييد أو السجن أو حتى الحبس الاحتياطي"، مشيرًا إلى أن هناك العديد من التحديات في النظام الطبي الحالي، أبرزها أخطاء بشرية ناتجة عن ظروف بيئة العمل داخل المستشفيات، مثل تأجيل العمليات بسبب نقص المستلزمات أو غياب الأطباء.
وأضاف: "نريد قانونًا عادلًا للجميع، أولاً حق المريض، ثم حق الطبيب والمنظومة التي تقدمها الدولة، لا يجب أن نتوقف عند بند العقوبات فقط".
اقرأ أيضًا:
نص قانون المسؤولية الطبية قبل مناقشته بمجلس الشيوخ -مستند
وزير الصحة يكشف تفاصيل مشروع قانون "المسؤولية الطبية": منفتحون على أي تغييرات
"المهن الطبية" يصدر بيانا بشأن قانون "المسئولية الطبية": نرفض مواد الحبس
تعرف على ضوابط الحبس الاحتياطي بقانون المسؤولية الطبية الجديد
المصدر: مصراوى و موقع كل يوم
٢٢-١٢-٢٠٢٤
* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.
* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.